التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اللعب والإعاقة العقلية




مدخل :
          يشكل اللعب أداة تعبير هامة لدى الأطفال، خصوصاً وأن هؤلاء لا يجيدون امتلاك اللغة للتعبير عما يشعرون به ويفكرون فيه ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الذين يعانون من إعاقة عقلية ( ذهنية) أو أولئك الذين يكونون في حالة من عدم التوازن الانفعالي بحيث يعجز الكلام عن نقل مشاعرهم، من هنا نشأت محاولات عديدة لتوظيف اللعب لغرض التواصل مع الأطفال.
لمحة تاريخية عن العلاج باللعب
           كانت أول عيادة للعلاج باللعب تستخدم طريقة الملاحظة العلاجية (العيادية) في الفترة من (1940-1950)  و قد قام عدد من العلماء بدراسة الفروق بين الجنسين في اللعب و بتحليل أثر الإحباط على سلوك الطفل  و كشف السلوك العدواني لدى الطفل .
        و تعتبر فرجينيا أكسلين (1947) من أوائل المهتمين بالعلاج باللعب و أكدت أهمية اللعب في انخفاض الشعور السلبي و نمو الشعور الايجابي نحو الذات و نحو الآخرين من خلال جلسات العلاج باللعب و أكدت أيضا إن الطفل يتحول إلى فرد أكثر اكتمالا و توافقا و تحررا و تلقائية من خلال عملية العلاج .  
الأهمية النفسية للعلاج باللعب
- يفيد اللعب في النمو النفسي و العقلي و الاجتماعي و الانفعالي للطفل فيقوى عضلاته و يطلق الطاقات الكامنة فيه و يتعلم الطفل من خلاله المعايير الاجتماعية و ضبط الانفعالات و النظام  و التعاون و القيادة .  
- يشبع حاجات الطفل مثل حب التملك و ذلك حينما يمتلك الطفل بعض أدوات اللعب و يسيطر عليها في حرية دون رقيب أو منافس وفي تفكير مستقل منفسا عن ميوله و مشاعره .
- يكمل اللعب بعض أوجه النشاط الضرورية في حياة الطفل اليومية .                                                       
- يفيد اللعب في دراسة سلوك الطفل من خلال لعبه عن طريق الملاحظة غير المباشرة و هو وسيلة هامة في تشخيص مشكلات الأطفال و علاجها .
يعتبر اللعب " مهنة الطفل " و أثناء اللعب يشعر الطفل بالمتعة و يعيش طفولته و يستكشف و يتعلم و يبتكر. 
أنواع اللعب :
هناك العديد من أنواع اللعب والتي توفر فرص كثيرة حتى يتعلم الطفل المهارات المختلفة، ومن هذه الأنواع:  
أولا: اللعب مع الآخرين:
والمقصود به ممارسة أنشطة اللعب مع الآخرين، وغالبًا يكون أول الأشخاص الذين يلعب معهم الطفل هم أفراد أسرته من الكبار، ثم اللعب بمفرده، حتى يستطيع بعد ذلك أن يكون قادرًا على اللعب مع الأطفال الآخرين ويكون له صداقات منهم، ويتعاون معهم ويتصرف بطريقة اجتماعية.
ثانيًا: اللعب بالأشياء:
من خلال اللعب بالأشياء يتعلم الطفل التمييز بين شيء وآخر من حيث أنواعها وخصائصها، حيث يبدأ في استكشافها، ومعرفة ملمسها ومذاقها والأصوات التي تصدر عنها عندما يضربها أو يرميها.
ومن خلال اللعب بالأشياء يتعلم الطفل العلاقة بين السبب والنتيجة، فإذا دفع برجًا من المكعبات فانه يسقط ،  وإذا قرع الطبل فانه يصدر صوتًا، وبعض الأشياء ينكسر عند ضربه، كما أن الكرة تذهب بعيدًا إذا ركلها بقدمه،  وهكذا..
كما أن هناك العديد من الألعاب بالأشياء التي تسهم في تعلم الطفل مهارات مختلفة:
·         لعب رمي الكرة والتقاطها: يعلم التناسق بين العين واليد.
·         اللعب بالرمل والصلصال والماء: يعلم تحسس المواد المختلفة ولمسها والتعرف إلى الكمية وكيفية تغيرها. 
ثالثًا: اللعب التخيلي :
يساعد اللعب التخيلي الطفل على ممارسة العديد من الأنشطة:
·          مهارات اجتماعية: مثل اللعب بالدمى : يتخيل الطفل انه يطعمها، ويضعها في السرير للنوم، لعبة الحفلة: مثلًا يتخيل نفسه مع مجموعة من زملائه في حفلة، لعبة التسوق والبيع: يتخيل انه بائع أو مشتري.
·          مهارات لغوية: ما سبق من العاب سوف ينمي القدرة اللغوية لدى الطفل من خلال التحدث إلى الدمية أو لأطفال آخرين.
·         تعلم استخدام الرموز حيث يحل شيء محل آخر مثال: استخدام المكعب بديل للتليفون...
·         التعبير عن الهواجس والمخاوف مثل لعب دور الطبيب أن كان قلقًا أو خائفًا من الذهاب إليه مما يتيح  له التفريغ الانفعالي. 
رابعًا: اللعب البدني:
يطور اللعب البدني قوة الطفل وقدرته على التنسيق، ومن صوره تنطيط الطفل لإمتاعه واللعب بالدراجة ذات الثلاث عجلات أو عجلتين، مع الاهتمام بالرياضة حيث إنها تساعد على تطوير وتنمية القدرات الاجتماعية من خلال التعاون ضمن الفريق.
 وقد يحتاج بعض الأطفال المعوقين إلى تعلم اللعب ويتم ذلك غالبًا من خلال المعلم الذي يكون له دورًا حيويًا في تعليم الطفل اللعب بان يمارسه أمامه ومن هنا يجب أن يُظهِر المعلم نشاطًا وحماسًا لممارسة اللعب لحث الطفل على القيام بنفس النشاط.
و لابد أن تكون الأداة الخاصة باللعب مناسبة للطفل ليست اقل من قدراته أو اكبر حتى لا يمل منها أو يعبث بها ويحطمها.
ونلاحظ أن بعض الأطفال المعاقين عقليًا يلعبون بطريقة فيها تكرار شديد ويقومون بالأعمال ذاتها مرة بعد أخرى مثل العبث بخيط أمام أعينهم أو دفع عربة للأمام وللخلف في المكان نفسه أو وضع المكعبات على الطاولة في الوضعيات نفسها تمامًا ثم التأرجح إلى الأمام والوراء مع استمرار التحديق فيها وفي الواقع أن هذا النوع من النشاط ليس لعبًا بالمعنى الحقيقي للعب
خلاصة :
إن إيمان المعلم أو المدرب أو كل من يتعامل مع المعاقين عقليًا بأهمية اللعب يجعله يكون أداة جيدة  في تنمية مهارات ذلك الطفل ، يمكن أن ننمي قدراته بشيء من الحب ودعوة للعب ليس للمعاقين فقط بل لكل طفل فاللعب لا ينمي قدراته فحسب وإنما يساعد على أن يكون ناجحًا في المستقبل.
  


المصادر: 
هاني العسلي ، ( د س ) ، العلاج باللعب Play Therapy، القاهرة . 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشكلات الطفل التوحدي و حلولها

   الطفل التوحدي يختلف عن غيره من الأطفال وخصوصاً في نقص التواصل الذي ينعكس على نقص المكتسبات السلوكية، وحصول سلوكيات غير مرغوبة، وعدم فهم الوالدين لتصرفات طفلهما يؤدي إلى تصرفات خاطئة في تعاملهما معه، بينما فهم وتوقع هذه المشاكل يؤدي إلى تشجيع السلوكيات السليمة و البناءة، وهنا سنقوم بطرح بعض المشاكل والحلول فلكل حالة ظروفها وعلاجها . " قبل طرح عدد المشكلات التي يعاني منها طفل التوحد دعونا نواجه الأمر كونك أحد الوالدين ، أنت تسأل نفسك باستمرار هل أفعل الشيء الصحيح ؟ هل سيفعل شخص آخر هذا بشكل أفضل ؟ قد يكون صعبا عليك تحديد أن ما تفعله شيء يكفي أم لا ؟ مع ذلك تذكر و تذكري أنه لا أحد يعرف طفلك بشكل أفضل منك ، تذكرا أنكما الأمان و السند و المعلم لطفلك مهما تعدد المختصون و أهل العلم أنتما أفضل من يعرف كل تفاصيل طفليكما. عليك ( الأم / الأب ) أن تثق بنفسك لاتخاذ القرارات الصحيحة... من المؤكد أنك ستفعل كل شيء بطريقة صحيحة  و بشكل جيد و بكل ما تملك من ارادة . نحن نثق بك ♥   1.     نوبات الغضب: نوبات الغضب والصراخ هي طريقة للتعبير عن الاحباط ، فالطفل التوحدي تنقصه

صعوبات اللغة عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد

  ا ضافة إلى الصعوبات في العلاقات الاجتماعية يعاني الأطفال التوحديون من الصعوبات اللغوية، التي تبدو اثارها واضحة في عدم القدرة على التواصل بأشكال ومستويات تتفاوت من حالة لأخرى على النحو التالي :   مرحلة ما قبل التواصل اللفظي : يستخدم الأطفال العاديون أشكالا وسلوكيات تواصلية مختلفة ابتداء من إكمالهم للعام الأول من العمر، ومنها على سبيل المثال أن يؤشر الطفل بإصبعه تجاه شيء ما أو أن يلمح بما يتيسر له من كلمات لشخص اخر للتعبير عن رغبته في الحصول على ذلك الشيء . هذا بالنسبة للأطفال العاديين أما بالنسبة للأطفال التوحديين فإنه من النادر أن يتواصلوا بهذه الطريقة وإن كانت في أيدي غيرهم بطريقة تظهر قدرا من عدم المبالاة .   التواصل غير اللفظي : يستخدم الأطفال العاديون وكذلك البالغون الإيماءات بمصاحبة الكلام أو للتعبير عن انفعالهم وعادة ما يصاحب هذه الإيماءات تواصل بصري وتلميحات بقسمات الوجه . وقد أثبتت الدراسات أن التوحديين غير قادرين على التواصل بهذه الطريقة حيث لوحظ أن تلميحات الوجه عادة لا تكون متوافقة مع نبرة الصوت ولا تكون التلميحات منسجمة مع الكلام .   صعوبات الكلا