التخطي إلى المحتوى الرئيسي

صعوبات اللغة عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب طيف التوحد





  اضافة إلى الصعوبات في العلاقات الاجتماعية يعاني الأطفال التوحديون من الصعوبات اللغوية، التي تبدو اثارها واضحة في عدم القدرة على التواصل بأشكال ومستويات تتفاوت من حالة لأخرى على النحو التالي:
 مرحلة ما قبل التواصل اللفظي:
يستخدم الأطفال العاديون أشكالا وسلوكيات تواصلية مختلفة ابتداء من إكمالهم للعام الأول من العمر، ومنها على سبيل المثال أن يؤشر الطفل بإصبعه تجاه شيء ما أو أن يلمح بما يتيسر له من كلمات لشخص اخر للتعبير عن رغبته في الحصول على ذلك الشيء.
هذا بالنسبة للأطفال العاديين أما بالنسبة للأطفال التوحديين فإنه من النادر أن يتواصلوا بهذه الطريقة وإن كانت في أيدي غيرهم بطريقة تظهر قدرا من عدم المبالاة.
 التواصل غير اللفظي:
يستخدم الأطفال العاديون وكذلك البالغون الإيماءات بمصاحبة الكلام أو للتعبير عن انفعالهم وعادة ما يصاحب هذه الإيماءات تواصل بصري وتلميحات بقسمات الوجه.
وقد أثبتت الدراسات أن التوحديين غير قادرين على التواصل بهذه الطريقة حيث لوحظ أن تلميحات الوجه عادة لا تكون متوافقة مع نبرة الصوت ولا تكون التلميحات منسجمة مع الكلام.
 صعوبات الكلام:
لا يتمكن الكثير من الأطفال التوحديين من تنمية وتطوير القدرة على الكلام المفيد، وهذا يعني أنهم لا يستطيعون إخراج أصوات يمكن أن تشكل في مجملها كلمات ذات معنى وغالباً ما يوصف هؤلاء الأطفال (مثل حالة الطفلة التي سبق عرضها في الفصل الأول)، بأنهم يعانون من خرس وظيفي ويعانون من مشاكل تواصلية عديدة حتى أن محاولاتهم للتواصل غير اللفظي (كاستخدام لغة الإشارة مثلاً) قد تكون محدودة وغير ناجحة تماماً.
مواضيع ذات علاقة :
أما القلة من الأطفال التوحديين الذين يتمكنون من تنمية وتطوير القدرة على الكلام فإن قدرتهم على الكلام تتصف أحياناً ببعض الصفات التي منها:
1. المصاداة (لفظ صدوي)  Echolalia:
    وتعني ترديد الكلام المسموع (من الصدى) ويتم ذلك مباشرة بعد سماع الكلام أو بعد مرور بعض الوقت من سماعه ويمر بعض الأطفال العاديين خلال مراحل نموهم المبكرة بفترة يرددون خلالها الكلام الذي يسمعونه ولهذا يجب التحري والتأكد عما إذا كانت فترة المصاداة التي يمر بها الطفل طبيعية، وغالباً ما تكون كذلك إذا توقفت قبل أو عند بلوغ الطفل سن ثلاث سنوات أما إذا استمرت بعد هذا السن فالاحتمال كبير أن يكون الطفل توحدياً.
2. اللغة المجازية:
ويقصد بذلك أن يكون للطفل التوحدي لغة أو عبارات لغوية (مجازية) خاصة به كأن يقول مثلا: أريد أن أركب الأخضر للتعبير عن رغبته في ركوب الأرجوحة الخضراء ، وفي هذه الحالة لن يستطيع أحد فهم ما يقوله الطفل إلا أولئك الذين يعرفون الطفل والظروف التي استخدمت فيها العبارة (المجازية) لأول مرة، ولابد من الإشارة إلى أن اللغة المجازية التي نحن بصددها ليست هي نفس اللغة المجازية المتعارف عليها والتي يمكن أن تستخدم كأسلوب لغوي بلاغي.
4. استخدام الضمائر عكسياً:
ويعني الصعوبة في استخدام الضمائر (أنا، أنت، هو ...) بشكل صحيح، إذ يلاحظ على الطفل التوحدي استخدام الضمير (أنت) في حين يكون المقصود (أنا) ، فبدلا من أن يقول: أنا أحب ركوب الدراجة،تجده يقول: أنت تحب ركوب الدراجة.
ومن الأمثلة على ذلك أيضا عندما يسأل المعلم الطفل التوحدي:
هل مارست السباحة اليوم؟   تجده يجاوب في أغلب الأحيان بـ مارست السباحة اليوم.  وهو يقصد أن يجيب بنعم على السؤال المطروح.
مكونات اللغة:
عندما يدرس المختصون علم اللغة فغالباً ما يتم ذلك من خلال تجزئتها إلى عدد من المكونات، وقد دلت الدراسات على أن الأطفال التوحديين يعانون من مشاكل وصعوبات في كل واحدة من تلك المكونات.
ففي مجال تكوين المفردات مثلاً فقد يلاحظ بعض التأخر في تكوين حصيلة لغوية لدى التوحديين، اما البعض الاخر الذي يتمكن من تكوين حصيلة لغوية جيدة فيلاحظ أن الاهتمام بمعاني المفردات يستحوذ عليهم بصورة لافتة كما أن تأخر الأطفال التوحديين عن الكلام قد يعزى إلى قلة محصولهم اللغوي لا سيما في الحالات التي يتأخر فيها الكلام إلى ما بعد سن خمس سنوات وهو السن الذي يبدأ فيه غالبية التوحديين الكلام لأول مرة.
ومن جوانب اللغة التي يواجه التوحديين فيها بعض المشكلات هو الجانب المتعلق بملائمة وانسجام اللغة المستخدمة مع المواقف الاجتماعية وتوقعات المتلقي.
ومن الأمثلة على ذلك حالات المصاداة التي سبق الإشارة إليها والتي يقوم فيها الطفل التوحدي بتكرار الكلمات أو العبارات التي سبق أن سمعها بطريقة ليس لها علاقة بالموقف، مثال اخر هو الصعوبة التي يعاني منها الأطفال التوحديون في فهم ما يقصده المتحدث فعندما يسأل الطفل التوحدي أتعرف أمك؟ تجده يكتفي بالإجابة بنعم، غير مدرك أن السائل يتوقع سماع إجابة أشمل وأكثر تفصيلا من ذلك.

خلاصة :
التعامل مع هذه الصعوبات اللغوية يمثل أحد أهم مكونات البرامج التربوية والتعليمية الخاصة بالأطفال التوحديين.


المصدر: بطاقة فنية للمختصة النفسانية جويرية بريطل 


تعليقات

  1. Sultan Casino | Shootercasino Casino
    casino in the Sultan palace and Sultan Casino 제왕 카지노 has over 50000 square feet 인카지노 of slot machines with a wide selection of games, a wide selection of 메리트 카지노 live dealer and

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مشكلات الطفل التوحدي و حلولها

   الطفل التوحدي يختلف عن غيره من الأطفال وخصوصاً في نقص التواصل الذي ينعكس على نقص المكتسبات السلوكية، وحصول سلوكيات غير مرغوبة، وعدم فهم الوالدين لتصرفات طفلهما يؤدي إلى تصرفات خاطئة في تعاملهما معه، بينما فهم وتوقع هذه المشاكل يؤدي إلى تشجيع السلوكيات السليمة و البناءة، وهنا سنقوم بطرح بعض المشاكل والحلول فلكل حالة ظروفها وعلاجها . " قبل طرح عدد المشكلات التي يعاني منها طفل التوحد دعونا نواجه الأمر كونك أحد الوالدين ، أنت تسأل نفسك باستمرار هل أفعل الشيء الصحيح ؟ هل سيفعل شخص آخر هذا بشكل أفضل ؟ قد يكون صعبا عليك تحديد أن ما تفعله شيء يكفي أم لا ؟ مع ذلك تذكر و تذكري أنه لا أحد يعرف طفلك بشكل أفضل منك ، تذكرا أنكما الأمان و السند و المعلم لطفلك مهما تعدد المختصون و أهل العلم أنتما أفضل من يعرف كل تفاصيل طفليكما. عليك ( الأم / الأب ) أن تثق بنفسك لاتخاذ القرارات الصحيحة... من المؤكد أنك ستفعل كل شيء بطريقة صحيحة  و بشكل جيد و بكل ما تملك من ارادة . نحن نثق بك ♥   1.     نوبات الغضب: نوبات الغضب والصراخ هي طريقة للتعبير عن الاحباط ، فالطفل التوحدي تنقصه

اللعب والإعاقة العقلية

مدخل :           يشكل اللعب أداة تعبير هامة لدى الأطفال، خصوصاً وأن هؤلاء لا يجيدون امتلاك اللغة للتعبير عما يشعرون به ويفكرون فيه ، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الذين يعانون من إعاقة عقلية ( ذهنية) أو أولئك الذين يكونون في حالة من عدم التوازن الانفعالي بحيث يعجز الكلام عن نقل مشاعرهم، من هنا نشأت محاولات عديدة لتوظيف اللعب لغرض التواصل مع الأطفال . لمحة تاريخية عن العلاج باللعب            كانت أول عيادة للعلاج باللعب تستخدم طريقة الملاحظة العلاجية (العيادية) في الفترة من (1940-1950)  و قد قام عدد من العلماء بدراسة الفروق بين الجنسين في اللعب و بتحليل أثر الإحباط على سلوك الطفل  و كشف السلوك العدواني لدى الطفل .         و تعتبر فرجينيا أكسلين (1947) من أوائل المهتمين بالعلاج باللعب و أكدت أهمية اللعب في انخفاض الشعور السلبي و نمو الشعور الايجابي نحو الذات و نحو الآخرين من خلال جلسات العلاج باللعب و أكدت أيضا إن الطفل يتحول إلى فرد أكثر اكتمالا و توافقا و تحررا و تلقائية من خلال عملية العلاج .   الأهمية النفسية للعلاج باللعب - يفيد اللعب في النمو النفسي و العقلي و ا